Home -- Arabic -- Colossians -- 033 (Are We Complete in Him?))
Previous Lesson -- Next Lesson
كولوسي – المسيح الذي فيك، هو رجاء المجد
دراسات في رسالة بولس الى اهل كولوسي
الجزء الثاني إعلان سرّ المسيح لحفظنا مِن المُضِلّين (كُوْلُوْسِّيْ ٢: ١- ٢٣)٠
١١- هل نحن مملوؤون فيه؟
كتب بولس من سجن استجوابه إلى أتباع المسيح في كُوْلُوْسِّيْ ولاَوُدِكِيَّة مضامين عظيمة للإيمان، وأكد لهم أنهم أعضاء روحانيُّون في جسد المسيح المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وهو رأسهم المنظم والمقرر (كُوْلُوْسِّيْ ١: ١٨)، ووضح لهم أكثر أنَّ حلول الروح القدس في قلوبهم يعني إسكان المسيح فيهم حقاً (كُوْلُوْسِّيْ ١: ٢٧). لذلك شجعهم على أن يؤمنوا بأنهم فيه ويسلكون معه، بل فيه، طوال حياتهم (كُوْلُوْسِّيْ ٢: ٦). وزاد في إعلاناته الروحية عندما اعترف بألوهية المسيح المطلقة، وكتب لهم أنهم، كمسيحيين مولودين ثانية، اشتركوا في ألوهية مخلصهم. ويعبر بعض مترجمي هذا النص في اللغة اليونانية: أنهم مملؤوون فيه (كُوْلُوْسِّيْ ٢: ١٠)٠
مَن يدرك معنى هذه الشهادة يفزع. فمَن نحن ومَن هو؟ قدرنا هو الموت أما هو فسرمدي وأبدي. نحن خطاة، أمَّا هو فقدوس. نحن أنانيُّون متكبِّرون، أمَّا هو، فحتى في مجده، يثبت وديعاً ومتواضع القلب. قلوبنا أحياناً كالحجارة، أما هو فرحمَنٌ رحيم. فيه تسكن أسماء الله وصفاته ال٣٥٠ المذكورة في الكتاب المقدس. أمَّا نحن فنسهر في أشعة نوره، ونظهر كلصوص قبيحين. لقد ازدادت خطايانا ونقائصنا كحبات الرمل على شاطئ البحر. وإن كان أحدٌ لا يَقبَل هذه المقارنة فهو لا يعرف الله بعد كمقياس لحياتنا٠
عند هذه النقطة يبتدئ خلاصنا، لأنَّ يسوع رفع خطيئة البشرية على كتفيه وكفَّر عنها وغفرها (يوحنا ١: ٢٩- ٣٦؛ يوحنا الأولى ٢: ١- ٢). ومنذ ذلك الوقت يظهر كل مؤمن به متبرراً وبريئاً أمام الله. وبواسطة انسكاب الروح القدس على كل جسد (يوئيل ٣: ١) حلّ جوهر الله الظاهر في ابنه في الواثقين به (أَعْمَال الرُّسُلِ ٢: ١- ٤و١٦-٢١). بَيْدَ أَنَّ حلول الروح القدس لم يكن ممكناً إلا بعد موت يسوع المسيح الكفاري. فقد أكد لتلاميذه في عشائه الأخير معهم، عندما وزَّع الخبز عليهم: "خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي"، وعندما قدَّم لهم الخمر في الكأس وقال: "اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا"(متَّى ٢٦: ٢٦- ٢٨)٠
ينبغي أن ندرك أنَّ جسد المسيح ودمه وروحه وقوته ومحبته تحلّ في كل مَن يسلم خطاياه له، وينفتح لكلمته الخالقة والمعزية. لذلك حقَّ للرَّسول بولس أن يقول إنَّ لاهوت المسيح يملأ جميع الذين يرتبطون به بالإيمان متواضعين وشاكرين٠
تجدر الإشارة إلى أنَّ امتلاء المسيحيين باللاهوت لم يُذكَر بصيغة المفرد، بل بالجمع فقط. لا يمتلئ أحدنا بألوهية المسيح وحده، ولا يقتصر هذا الملء عليه وحده، بل إنَّ العالم المسيحي كلَّه يكون مملوءاً بملء النعمة إن قبل التقديس بمواهب روح الله. وينال كل فرد تابع ليسوع بروح الآب والابن مواهب خاصة. فالموهوبون المختلفون يصبحون معاً جسد المسيح، وينبض فيهم دم ربهم، ويكونون منقادين بروحه وممتلئين بالسجود للآب (رومية ٥: ٥؛ أَفَسُس ١: ١٣و ١٤ و٢٢و ٢٣ ألخ). وكتب بولس الجملة المثيرة المدهشة:"إِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً, وَرَثَةُ اللَّهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ... لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ, لِيَكُونَ هُوَ بِكْراً بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ" (رومية ٨: ١٧و ٢٩)٠
مَن يتعمَّق في هذه الكلمات يلاحظ أن بولس كتبها في صيغة "نحن"، فاعترف بإيمانه وحالته الخاصة بهذه الكلمات المدهشة، رغم أنه كان سجيناً لمدة طويلة. وقال أحد الواعظين العالميين أنَّ المسيح اليوم هو أكبر مما كان في زمن بولس، لأن ملايين من المؤمنين المتجددين على مر الأجيال قد تطعَّموا بجسده الروحي، وأصبحوا مملوئين بملئه مجاناً بالنعمة٠
لم يكتفِ بولس بالحقيقة أنَّ يسوع هو رأس الكنيسة، وأنَّه يملؤها بلاهوته ما دامت مرتبطة به، بل اعترف أيضاً أنَّ يسوع هو رأس جميع الرؤساء السياسيين ومؤسسي الأديان وأصحاب المليارات وحتى السحرة والأرواح النجسة في دنيانا وفي الآخرة، وأنَّها كلَّها تحت رئاسته وسلطانه (رومية ٨: ٣٨- ٣٩؛ أَفَسُس ١: ٢٠- ٢١؛ فيلبي ٢: ٩ ألخ). فلا يحدث شيء بدون مشيئته، وكل ما يسير يتطور في نطاق خطة خلاصه (رومية ١: ١٨- ٣٢). ليتنا لا ننسى أنَّ حَمَل اللهِ كسر الأختام السبعة، ودعا الفرسان الأربعة في الزمن الأخير (رؤيا ٦: ١- ٨). لا يستطيع أحد أن يعارض أو يمنع عمله الخلاصي المجيد. يؤكِّد يسوع لكنيسته المتحدة والمترقبة مجيئه:" نَعَمْ. أَنَا آتِي سَرِيعاً" (رؤيا ٢٢: ٢٠)٠
الصَّلاة: أيُّها الآب السماوي، مَن نحن ليحلَّ ابنك بكل ملء اللاهوت فينا ككنيستك المحبوبة. نسجد لك ولابنك، الإله الواحد، ونشكرك متمتمين بالحمد لأجل الامتياز العظيم الذي يفوق كل عقل. قد منحتَنا ملء نعمتك وسلطانك كموهبة لكنيستك، فنطلب إليك أن لا تعبر عن جيراننا الذين لا يعرفونك، حتَّى يتوبوا ويفتحوا أبواب قلوبهم لك. آمين٠
السؤال ٤: ما هو سبب حلول وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس في الناس الراكضين نحو موتهم؟