Home -- Arabic -- Colossians -- 021 (Christ, Image of His Father and Creator of the Universe)
Previous Lesson -- Next Lesson
كولوسي – المسيح الذي فيك، هو رجاء المجد
دراسات في رسالة بولس الى اهل كولوسي
الجزء الأول أركان الإيمان المسيحي (كُوْلُوْسِّيْ ١: ١- ٢٩)٠
٥- المسيح هو صورة أبيه وخالق الكون في الوقت نفسه (كُوْلُوْسِّيْ ١: ١٥- ١٧)٠
كُوْلُوْسِّيْ ١: ١٥- ١٧
١٥ الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللَّهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ, بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. ١٦ فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ, مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ, مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى, سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. ١٧ اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ, وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ٠
عاين بولس المسيح في مجده وسلطانه أمام أبواب دمشق، ولذلك أضحى تفكيره وعقيدته مختومَين ببهاء ربّه العظيم. عاش يسوع كإنسان على الأرض في جلاله المستتر، ولكنَّ رسول الأمم رأى واختبر في جلال ربّه المجيد أمام دمشق اقتحام الأبدية لزماننا، وفسّر هذا الاختبار صورة القدير المتعالي. الله في ذاته بقي مستتراً، ففساد البشرية يفصله عن مخلوقاته. ولو أنَّ الله ظهر في بهائه لأُبيد الجميع. ولكنَّ جلاله وقوّته ظهرا في المسيح المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ. أكّد يسوع لتلاميذه: مَن رآني فقد رأى الآب (يوحنّا ١٤: ٩)٠
تدلّنا شهادة يسوع عن نفسه: أولاً على محبَّة الله القدّوسة، وثانياً على حقّه الرَّحيم، وثالثاً على تواضعه الصبور. في المسيح اكتمل خلق الإنسان، فبلغ هدفه ومعناه (سفر التكوين ١: ٢٧) وصار أبوه معلَناً فيه. عاين الرسول يوحنّا مع بطرس ويعقوب مجد يسوع على جبل التجلّي، ولم يتكلّم أحدهم عن هذه الحادثة بالتَّفصيل، بل بإشارة متواضعة، كما كتب يوحنّا "ورأينا مجده" (يوحنا ١: ١٤). ولكنَّ يوحنَّا في شيخوخته، وفي أثناء نفيه إلى جزيرة بطمس، رأى المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ كربّ وديّان فكتب: فَالْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي. وَلَمَّا الْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ, وَفِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ, وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ, وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ, وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ, وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ, فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي, لاَ تَخَفْ, أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ, وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ (رؤيا يوحنا ١: ١٢- ١٨)٠
المولود بكراً قبل كُلِّ خليقةٍ
أدرك يوحنا ببصيرة إيمانه أنَّ "اَللَّهَ مَحَبَّةٌ, وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي اللَّهِ وَاللَّهُ فِيهِ" (يوحنا الأولى ٤: ١٦). فالمُحبُّ لا يقدر أن يعيش دون مقابلٍ له يحبه. وبما أنّ الله محبّة فهو لم يكن وحيداً، بل كان معه شريكٌ على مستواه أحبّه مِن قبل بدء الكون. والمسيح هو ابن الله المولود أوّلاً، والموجود قبل جميع المخلوقات ككائن أزلي. فليس المسيح خليقة أو مخلوقاً، بل انبثق مِن الآب قبل جميع الدهور. ولم تكن ولادته في بيت لحم بدء حياته، بل بدء تجسّده. فجميع صفات أبيه وروحه ومجده تتمركز وتحلّ فيه. عاش ويعيش مع أبيه في انسجام تامٍّ وديعاً ومتواضع القلب، وهو القائل:"طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ" (يوحنّا ٤: ٣٤)٠
تعترف جميع الكنائس المسيحية في قانون الإيمان النيقاوي أنّ المسيح هو إله مِن إله، نور مِن نور، إله حقّ مِن إله حقّ، مولود غير مخلوق، ذو جوهر واحد مع الآب. أمّا الإسلام فيعترف أنَّ المسيح مخلوقٌ غير مولود، ولم يولد مِن أبيه السماوي أبداً. وبهذا القرار أصبح الإسلام تابعاً لأريوس شيخ الكنيسة في الإسكندرية الذي تبنَّى مبادئ ضدَّ المسيح. فجميع القائلين إنَّ المسيح مخلوق هم غير مسيحيين، لأنّهم اعترفوا بالبدعة القائلة إنَّ يسوع هو عبد الله فقط، بينما هو ابن الله البكر وليس مخلوقاً منه. فالأزلي هو أبوه وهو صورته. لو كان المسيح مخلوقاً لكان جميع أتباعه عبيد الله. ولكنَّ المسيح هو ابن الله، ولأتباعه الحقّ أن يصبحوا أبناء الله وبناته المدعوِّين. فالخالق عندهم ليس ربّاً طاغياً، بل هو أبوهم الحنون بيسوع المسيح بكْرِهِ الكريم٠
الصَّلاة: أيُّها الآب القدّوس، نشكرك لأنَّ ابنك يسوع ظهر لبولس أمام دمشق في مجدك ومجده، حتَّى استطاع تلاميذه أن يقولوا: ورأينا مجده. ولذلك نسجد لابن مريم لأنّه صورتك الأصليَّة، وقد عاش أمام محبّتك القدوسة. أنت فيه وهو فينا. آمين. آمين٠
السؤال ٢١: ماذا تعني كلمة يسوع: مَن رآني فقد رأى الآب؟