Home -- Arabic -- Philippians - 006
Previous Lesson -- Next Lesson
الرسالة الى اهل فيلبي - إفرحوا في الرب كل حين
سلسلة دروس كتابية في رسالة بولس الرسول الى اهل فيلبي
٣. حالة الرَّسُول بُولُس في السجن وانتشار الإِنْجِيْل في روما (فِيْلِبِّي ١: ١٢- ٢٦)٠
فِيْلِبِّي ١: ١٢- ١٨
١٢ ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّ أُمُورِي قَدْ آلَتْ أَكْثَرَ إِلَى تَقَدُّمِ الإِنْجِيلِ, ١٣ حَتَّى إِنَّ وُثُقِي صَارَتْ ظَاهِرَةً فِي الْمَسِيحِ فِي كُلِّ دَارِ الْوِلاَيَةِ وَفِي بَاقِي الأَمَاكِنِ أَجْمَعَ. ١٤ وَأَكْثَرُ الإِخْوَةِ, وَهُمْ وَاثِقُونَ فِي الرَّبِّ بِوُثُقِي, يَجْتَرِئُونَ أَكْثَرَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِالْكَلِمَةِ بِلاَ خَوْفٍ. ١٥ أَمَّا قَوْمٌ فَعَنْ حَسَدٍ وَخِصَامٍ يَكْرِزُونَ بِالْمَسِيحِ, وَأَمَّا قَوْمٌ فَعَنْ مَسَرَّةٍ. ١٦ فَهَؤُلاَءِ عَنْ تَحَزُّبٍ يُنَادُونَ بِالْمَسِيحِ لاَ عَنْ إِخْلاَصٍ, ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يُضِيفُونَ إِلَى وُثُقِي ضِيقاً. ١٧ وَأُولَئِكَ عَنْ مَحَبَّةٍ, عَالِمِينَ أَنِّي مَوْضُوعٌ لِحِمَايَةِ الإِنْجِيلِ. ١٨ فَمَاذَا. غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقٍّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ, وَبِهَذَا أَنَا أَفْرَحُ. بَلْ سَأَفْرَحُ أَيْضاً٠
شكر الرَّسُول السجين ربَّه لأجل مؤمني فِيْلِبِّي، واشتاق إليهم، وصلّى لأجلهم بحرارة وأمانة. ورغم قيوده بقي مبشِّراً، ولم يهمل النَّاس في محيطه القريب. فكان شاهداً للمَسِيْح في السجن داخل المعسكر. وعرف حرَّاسُه مِن تصرُّفاته وطول أناته صورة المَسِيْح ونوعيَّة تبشير جديدة؛ حيث كان تحت ضبط فرقة جنود القيصر المختصّ بحماية الإمبراطور، فقاد بُولُس بعضهم إلى تفكير جديد، هو أنَّ يَسُوعَ المَسِيْح مُخلِّصُ البشَر وربُّ العالمين، الَّذي ملكوت محبَّته أعظم مِن محاكم الدنيا قاطبةً٠
وكان الشَّيْطَان يقصد أن يعزل بُولُس ويُبطل شهادته، عندما أخذه مِن حرّيته الجزئية، إذ كان مراقباً في بيته، وغير مسموح له بالخروج منه، ونقله إلى داخل الثكنة، فانفصل عن أصدقائه وعن العالم. ولكنَّ المَسِيْح استخدم وجود بُولُس في مركز السلطة، شهادةً خارقةً للكثيرين، حتّى إنَّ بشرى الخلاص وصلَت إلى أفراد حاشية القيصر. فتيقَّنوا مِن ألوهية الإِنْجِيْل بواسطة الأسير بُولُس٠
واعتبر الرَّسُول نفسَه عبد المَسِيْح وأسيره، حرّاً كان أم محبوساً. وقد أسلم نفسه له. وكانت إرادتُه مقيَّدةً في مشيئته، ولسانُه مربوطاً بروح ربِّه، وعواطفُه خاضعةً لإرشاد رأسه يَسُوع؛ فلم يولول، ولم يحزن للضيقات، بل علم أنَّ المَسِيْح كان معه في السجن، لأنَّ الرَّبّ حمل مَسْؤُوْلِيَّة حياته٠
وشاء المُخلِّص، على الرَّغم مِن توقيف رسول الأمم، ، أن يستمرَّ تبشيرُ العالم الهالك. فاختار الصغار للخدمة. كما أنّه اليوم لا يدعو أساقفة ورعاة ومعلّمين للخدمة فقط، بل يدعو أيضاً إخوةً وشيوخاً وشبّاناً ممتلئين بمحبَّة المخلِّص وَمُندفعين برأفةٍ لتخليص الضَّالين٠
هل دعاك المَسِيْح للخدمة وعيّنك شاهداً له عند الغوغائيين أو المتعلّمين؟ تقدَّم إليهم ولا تسكت، بل أعلِن خلاص ربّك واسمه بتواضع وحكمة في المحبّة٠
لم يكن هؤلاء الشهود، في زمن بُولُس، كاملين بلا خطيئة، بل كانوا محتاجين يوميّاً إلى التَّوْبَة والغفران. ووجد بينهم الحسد وخطف الخراف والأنانية والاستكبار لأجل الأثمار الموهوبة لهم. وربَّما مال البعض إلى أفكار ناموسيّة، كالختان وحفظ السبوت. وتأثَّر البعض الآخر بالبلاغة أو العبقرية الفلسفية الفارغة، الَّتي كافح الرَّسُول ضدّها طويلاً. وهؤلاء المنحرفون فرحوا عندما سُجن بُولُس، لأنَّ الحقل صار لهم مفتوحاً، فاستطاعوا أن يُضلُّوا الناس بمبادئهم العوجاء، واستهزأوا بالأسير المُقَيَّد، قائلين: "انظروا، المَسِيْح ليس معه. وقد تركه وهو في السجن. أمَّا نحن فالرَّبّ معنا؛ وإِنْجِيْلنا هو الصحيح"٠
فماذا عمل بُولُس في هذه الحالة المرهقة المؤلمة؟ لقد وثق بربّه، وأعلن خبث الحُصَّاد، وفرح رغم تخطيطهم الملتوي، لأنَّه آمن باسم يَسُوع، فوثق بالقدرة العالمة في اسم يَسُوع أكثر مِن خشيته أخطاءَ حاسديه الَّذين لم يَصلبوا حياتهم كُلِّيّاً مع المَسِيْح، ولم يُنكروا أنفسهم يوميًّا. وبُولُس لم يرفض دعوتهم، بل كان يُصلّي لأجلهم لتتقدس حياتهم كلِّيّاً وتأتي بثمر كثير٠
أمَّا أصدقاء بُولُس، فأدركوا أنَّ الرَّسُول لم يُسجَن لذنْبٍ خاص، بل المَسِيْح أوقفه في هذا المكان العاري ليدافع عن حقّ الإِنْجِيْل. فأدركوا إرشاد اللّه وتقدّم ملكوته، حتّى في السجن وبيت القيصر. وتشجَّعوا بهذه البصيرة، وبشَّروا بجرأة جميع النّاس مِن حولهم. فكان فرحُ الرَّسُول مزدوجاً لسببَين: الأوَّل غيرة أعدائه، والثَّاني محبَّة أصدقائه، وهذا السَّبَبان خدَما هدفاً واحداً، هو إعلانُ المَسِيْح ملك الملوك ورَبّ الأَرْبَاب٠
الصَّلاَة: أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْع المَسِيْح، نشكرك لكل شاب وشابة وشيخ وامرأة، يشهدون باسمك جهراً ليعترفوا بك ويستسلموا لمحبتك. أرسل الكثير مِن المُؤْمِنِيْن في أيَّامنا إلى الَّذين لا يعرفونك، وإلى بلدتنا، وأعطهم القوَّة والصبر والفرح، ليحتملوا الإخوة الَّذين لا يحبّونهم. وقدِّسهم جميعاً إلى التمام، ليتجلّى لطفك في الجميع. آميـن٠
السُّؤَال ٩: لماذا فرح الرَّسُول في السجن؟