Home -- Arabic -- Luke - 140 (Jesus' Farewell Words to His Disciples)
Previous Lesson -- Next Lesson
لوقا -المسيح ، مخلص العالم
في دراسَة إنجِيل المسِيح حسَب البَشِير لوقا
القسم السادس - آلام المسيح وموته وقيامته من بين الاموات (الأصحاح : ۲۲: ۱– ۲٤: ٥۳)٠
١٦. كلمات يسوع الوداعية لتلاميذه (۲٤: ٤٤-٤٩) ٠
لوقا ۲٤: ٤٤-٤٧
٤٤ وَقَالَ لَهُمْ: «هٰذَا هُوَ اٰلْكَلاَمُ اٰلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ، أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ (شريعة) مُوسَى وَاٰلأَنْبِيَاءِ وَاٰلْمَزَامِيرِ». ٤٥ حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا اٰلْكُتُبَ. ٤٦ وَقَالَ لَهُمْ: «هٰكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهٰكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ اٰلْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ اٰلأَمْوَاتِ فِي اٰلْيَوْمِ اٰلثَّالِثِ، ٤٧ وَأَنْ يُكْرَزَ بِاٰسْمِهِ بِاٰلتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ اٰلْخَطَايَا لِجَمِيعِ اٰلأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. ٤٨ وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذٰلِكَ. ٤٩ وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ اٰلأَعَالِي»٠
إنّ ذهن الإنسان محدود، وقلبه عنيد. فكثيراً ما سمع التلاميذ مِن ربّهم وهو معهم بيانه عن نفسه، مَن هو، ولماذا أتى، وأنّ عليه أنْ يموت. ولكن لا يقدر إنسان ما، أنْ يسمّي المسيح ربّاً إلاّ بإنارة الرّوح القدس. فبقيت قلوب التلاميذ باردة، وأعينهم لم تلمع، لأنّهم غير فاهمين السبب وضرورة موت يسوع وقيامته. أمّا يسوع فتثبت صبوراً وأعاد تعليمهم مراراً وتكراراً، لتنتعش في صدروهم مبادئه، حتّى ولو كانوا حجراً. وفي الصدمة الّتي أصابتهم مِن ظهوره المفاجئ، اهتزّت قلوبهم، وأصغت أذهانهم لكلماته. ففسّر لهم مرّة أخرى الواجب الإلهي في موته. وانّ قيامته كانت لازمة. هكذا فإنّه بعد اختباراته في الموت والهاوية، وغلبته على القوى الشيطانيّة، لم يعلّم أتباعه أمراً مستجّداً، بل دلّهم على الكتب المعروفة المقدّسة، الّتي تنبئهم أنّه لا بدّ مِن آلامه وموته وقيامته. وانّ تاريخ حياته صار بدقّة، كما كان مسجّلاً في التوراة. فالشريعة كلّها صرخت طالبة فادياً مصالحاً الله، لأنّ ليس أحد يستطيع أنْ يحفظ الشريعة كاملاً. وكلّ الأنبياء الأمناء اشتاقوا إلى مخلّص يجدّد القلوب الضّالّة الغبيّة. والملك داود عظّم الآتي بمزاميره، كاشفاً في روح الله تفاصيل تألّم المسيح وموته حتّى صعوده. وكذلك نرى أنّ الرّوح القدس دلّ شعب العهد القديم منذ مئات السنين بلا شك ولا ريب، أنّه ينبغي للمخلّص الآتي إلى العالم أنْ يموت. ووجه هذا الرّوح أفكار وأذهان المؤمنين نحو الصليب محوراً للكون كلّه، كما يتّجه عقرب البوصلة دائماً إلى القطب الشمالي مهما انقلبت البوصلة. وحتّى هذا اليوم يقودك الرّوح القدس بواسطة الشريعة والإنجيل ليس إلى الفلسفة ولا الشرائع أو الطقوس، بل مباشرة إلى شخص يسوع المصلوب والمقام مِن بين الأموات الحي٠
فيسوع أنار عقول تلاميذه بصبر فائق، ورسم لهم خطّة خلاص الله، وفتح لهم كلمة الله المكتوبة، لأنّه لا يقدر إنسان أنْ يدرك الله مِن تلقاء نفسه، إلاّ بالنّعمة المسبغة عليه مِن ربّه. ليتنا ندرك هذا المبدأ في مدارس الأحد والاجتماعات والعبادات في الكنائس ووسط الدّراسة الدينيّة، فندرك أنّه ليست الدروس ولا المواعظ ولا التعاليم تستطيع انارة مستمعينا، حتّى ولو تكلّمنا بألسنة النّاس والملائكة، إلاّ إذا فتح روح الربّ مباشرة قلوبهم وغيّر أذهانهم. فمَن يدرك هذا السرّ في التبشير، يصلّي أكثر ممّا يتكلّم ويلحّ على الربّ، حتّى يتدخّل سريعاً وعملياً وينزل قوّته على المشتاقين إليه، فيحدث اليوم بيننا إقامة للأموات مِن الخطايا٠
وليس باطلاً ما اختبرناه في الإيمان شخصيّاً، ولكن حقائق حياة المسيح مِن المهد إلى اللحد والقيامة حتّى الصّعود هي أهم ألف مرّة مِن اختباراتنا الشخصيّة. فبواسطة هذه الشهادة ينمو الإيمان مسبّباً الحياة الأبديّة في المؤمن٠
ومَن يتعمّق في أسرار حياة وموت المسيح يجد أنّ محبّته الإلهيّة هي السبب العظيم لمجيئه وصليبه وقيامته. وأكثر مِن هذا، فإنّ الله لا يقدر أنْ يغفر لِمَن يريد وحيثما يريد. لأنّ أفكاراً سطحيّة لا معقولة مثل هذه عن قدرة الله تجدها في كلّ الأديان الخالية مِن الرّوح القدس. فقد أدركنا مِن التوراة والإنجيل أنّ:٠
إلهنا قدّوس. وعدله لا يستطيع أنْ يترك خطيئة بلا عقوبة. إنّ كلّ خاطئ يستحقّ الموت والهلاك. فلا بد لله لأجل ذاته من أنْ يجازي كلّ ظلم مرتكب على الأرض.
ولكن بما أنّ الله محبّة ويحب الخطاة، فقد فضل أنْ يموت عوضاً عن أنفسنا لنعيش نحن، لأنّ رحمة الله أعظم مِن عقولنا٠
ومِن المستحيل أنْ يفنِي الله نفسه، لكيلا يضمحل كونه. فلهذا السبب انبثق مِن الله قبل البداية ابنه وروحه القدّوس. فهذه أقانيم ثلاثة لإله واحد تام الوحدانية والمحبّة المقتدرة٠
فعزم الابن أنْ يتجسّد ويصبح إنساناً، لأنّه ليس أحد مِن البشر، يستطيع السلوك في القداسة وبلا خطيئة. فلا يقدر أحد أنْ يموت كحمل الله عوضاً عن الآخرين، لأنّنا كلّنا فاسدون إلا المولود من الرّوح القدس هو قدّوس. فالمسيح وحده مستحقّ أنْ يموت كحمل الله. وهو القويّ المقتدر في محبّته العظيمة، ليرفع ثقل خطايا كلّ العالم ومات على الصليب عوضاً عنا٠
ولثبات المسيح قدّوساً طاهراً، رغم حمله خطايانا لم يستطع الموت أنْ يغلبه ويقبض عليه، بل فرض عليه ان يتركه، لأنّ السليم مِن الخطايا يعيش أبداً٠
ولمّا كمل برّ الله هكذا في الصليب، أراد القدّوس واقتدر واستلزم عليه أنْ يغفر لكلّ النّاس ذنوبهم جميعاً، إنْ آمنوا بحمل الله ابنه الفريد. ولكن مَن لا يؤمن بهذه الذبيحة الإلهيّة، يرفض ويلعن نعمة الله، ويدين ذاته بنفسه٠
ولهذا الخلاص الكامل لكلّ النّاس نتيجة وشرط آخر. فمَن اختبر غفران الخطايا في إيمانه بالمسيح ونال الحياة الأبديّة، ينبغي له أنْ يخبر بهذه النّعمة الآخرين، لأنّ محبّة الله المنسكبة في قلوبنا هي الدّافع في التبشير. فأمر المسيح أخيراً تلاميذه، أنْ يبشروا العالم كلّه، مقوضاً فقههم اليهودي. فالمصلوب غفر خطايا كلّ النّاس في كلّ الأزمنة. فلا ينبغي له ان يموت ثانية على الصليب. ولا تعرف الشعوب هذا الامتياز العظيم. فأصبح مِن واجبات كلّ مسيحي صحيح كضرورة مِن الرّوح القدس، ان يشهد بطريق الخلاص في وصف حياة المسيح لإخوانه البشر. وهذه البشارة تسبّب في المخاطبين تغيير الفكر والإيمان بابن الله، وقبول الغفران، وملء الحياة الأبديّة فيهم٠
فهل أدركت برّ الله في المصلوب، وفهمت السبب والدافع في موت المسيح وقيامته؟ فاخبر أصدقاءك، بأنّ فادينا حيّ موزّع الغفران مجّاناً، لينال كلّ إنسان الحياة الأبديّة بإيمانه به٠
الصّلاة: أيّها الربّ يسوع المسيح، أنت الله إلهي، وحرّ كأبيك ولكنّ محبّتك دفعتك لتتنازل عن مجدك، وتنزل إلينا نحن المجرمين. فإطاعة إيمانك علّقتك على صليب العار. إنّما حياتك هي أبديّة. لذلك قمت لتجرّنا إلى حياتك الحقّة. فافتح أذهاننا وعقولنا لفرحك، لندرك سلطان محبّتك ونكرّس أنفسنا لك أيّها المحب جدّد ملايين مِن الضّالين. آمين٠
السؤال ١٤٨: لِمَ كان ينبغي للمسيح أن يموت ويقوم في اليوم الثالث؟