Home -- Arabic -- Luke - 111 (Jesus Clears the Temple of the Money Changers )
Previous Lesson -- Next Lesson
لوقا -المسيح ، مخلص العالم
في دراسَة إنجِيل المسِيح حسَب البَشِير لوقا
القسم الخامس - اعمال المسيح في أورشليم والحوادث حتّى موته (۱٩: ۲٨ – ۲۱: ۳٨)٠
٣. المجمع الأعلى يستجوب يسوع عن مصدره وسلطانه (۲۰: ۱-٨)٠
لوقا۲۰: ۱-٨
١ وَفِي أَحَدِ تِلْكَ اٰلأَيَّامِ إِذْ كَانَ يُعَلِّمُ اٰلشَّعْبَ فِي اٰلْهَيْكَلِ وَيُبَشِّرُ، وَقَفَ رُؤَسَاءُ اٰلْكَهَنَةِ وَاٰلْكَتَبَةُ مَعَ اٰلشُّيُوخِ، ٢ وَقَالُوا لَهُ: «قُلْ لَنَا بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هٰذَا، أَوْ مَنْ هُوَ اٰلَّذِي أَعْطَاكَ هٰذَا اٰلسُّلْطَانَ؟» ٣ فَأَجَابَ: «وَأَنَا أَيْضاً أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَقُولُوا لِي: ٤ مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا، مِنَ اٰلسَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ اٰلنَّاسِ؟» ٥ فَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا مِنَ اٰلسَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ ٦ وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ اٰلنَّاسِ، فَجَمِيعُ اٰلشَّعْبِ يَرْجُمُونَنَا لأَنَّهُمْ وَاثِقُونَ بِأَنَّ يُوحَنَّا نَبِيٌّ». ٧ فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ. ٨ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَان أَفْعَلُ هٰذَا٠
أحبّ يسوع الشعب الجاهل، وتقدّم إلى الهيكل يومياً، مقتحماً أخطار الموت. وعلّم وبشّر الجماهير الّتي كانت تنتظره مشوقة. وبهذا التعليم رسخ وثبتّ مستمعيه، الّذين ابتدأوا يؤمنون به وبأبيه السماوي، بينما كان تبشيره دعوة خارقة للبعيدين عن الله، ليرجعهم إلى الآب السماوي. ليعترفوا بخطاياهم وينكسروا لاستكبارهم. ولم يبشّر يسوع مستمعيه بحدة الشريعة فقط، بل أعلن لهم بشرى محبّة الله، وفسّر لهم حضوره الخاص، وأحاطهم علماً بانتصاره على الخطيئة، لكي ينمو فيهم الرجاء والإيمان والمحبّة. فشعرت الجماهير أنّ سلطان الله حاضر بينهم. وأنّ السماء مفتوحة، وقد ظهرت النّعمة٠
ولمّا رأى رؤساء الشعب، كيف التصقت الجماهير بيسوع، تأهبوا للهجوم والتآمر وأرادوا اصطياد يسوع في شباكهم. فاجتمع خاصّة حكماء المجمع الديني الأعلى، ليجرّبوا يسوع ويقبضوا عليه. وإذ نقرأ هنا عن رؤساء الكهنة بصيغة الجمع، فهذا يدل على مخالفتهم للشريعة، الّذي ينصب رئيساً كهنوتياً واحداً فقط. ولكن المجمع في اصطدامه المتكرر مع القوّة الاستعمارية، كان يرضخ أحياناً لطلبها في عزل وتنحية بعض الرؤساء، وتعيين غيرهم حسب توجيهاتها، حتّى وجد الفريقان أخيراً في قيافا الثعلب الماكر ضالّتهم المنشودة، الّذي وفق بفتاواه الدينية بين أحكام الشريعة ورغبات الرومان المخالفة للشريعة بنفس الوقت٠
كان للمجمع الأعلى الحقّ، أنْ يسأل رسمياً يسوع: مَن هو. ومِن أين هو؟ فبهذين السؤالين أجبروه أنْ يعلن ذاته جهراً، مستفهمين عن القوّة العاملة فيه، والمصدر الّذي يأتيه بهذه القوّة. فلم يسألوه عن الأعمال والعجائب المتعدّدة، ولا دقّقوا في معاني كلماته القويّة، بل اخترقوا لبّ جوهر كيانه، وأرادوا قطعه مِن أساس وجوده. فلو جاوبهم يسوع، أنّه المسيح لأسرعوا بإهلاكه، لأنّ الجماهير انتظروا مسيحاً منتصراً سياسيّاً محارباً ببهاء وقدرة فائقة. وإنْ انكر أنّه المسيح وقال أنّه نبي فقط، أو مصلح اجتماعي، أو واعظ بالتّوبة، فإنّ الشعب عندئذ يتركه ولا يهتم به أبداً. هذا عن السؤال الأول.
وإنْ جاوب على السؤال الثاني عن مصدر مجيئه، أنّه ابن الله، فسيرجمونه حالاً، لأنّهم يعتقدون بأنّ الله ليس له ولد. وإنْ قال إِنّ قوّته مستمدة مِن مصادر طبيعية أو مِن قواه الخاصّة، عندئذ فإنّهم ليمزقوه تمزيقاً، معتبرين أنّه الشّيطان بالذات٠
فأبصر يسوع حيلتهم الشرّيرة، واصطادهم بنفس الشبكة، الّتي ألقوها إليه، وسألهم بسلطانه الإلهي سؤالاً معاكساً ردّاً عليهم عن مصدر يوحنّا المعمدان. فوجدوا أنفسهم في الحالة نفسها، الّتي أرادوا أنْ يضعوه فيها. فتباحثوا وتشاوروا فيما بينهم، ولكن دون جدوى. فلم يعرفوا بماذا يجاوبونه. إنّهم بقساوتهم ما أرادوا أنْ يتوبوا ويخضعوا للمسيح معترفين بأنّ يوحنّا عبد الله، لأنّه طلب منهم أنْ يعترفوا بخطاياهم ويعتمدوا جهراً، بينما كانوا هم يضحكون في قلوبهم على الشعب التائب المسكين مدّعين لأنفسهم البررة والارتفاع. لكن هذا الشعب وخاصّة بعد قطع رأس يوحنّا، كان مهتاجاً مقتنعاً أنّ المعمدان كان حقّاً رسول الله ونبيّه الصادق. فكانوا مستعدّين في غيظهم، أنْ يرجموا حتّى هؤلاء الرؤساء الدينيين، لو قالوا أنّ يوحنّا المعمدان ليس قدّيساً لله٠
وبينما كان الرؤساء في حيرتهم لم يجمعوا على جواب مِن بين أجوبة كثيرة خطرت لهم، كان الشعب متربّصاً بهم، ليرى بماذا يجاوبون. ولم يكن أحد مِن المسؤولين مستعدّاً أنْ يعترف بالحقيقة الكامنة في قلبه جهاراً سلباً أو إيجاباً. فاختبأوا أخيراً في أكاذيبهم قائلين: لا نعرف مِن أين يكون يوحنّا المعمدان. وهذا الجواب كان أكبر فوز للمسيح عليهم، لأنّ يسوع قاد الوفد مِن المجمع الأعلى إلى الاعتراف بجهلهم أمام عامة الشعب. فكان انكساراً هائلاً٠
وقد أدان ابن الله كذبهم بكلمة دينونته قائلاً: فلا أقول لكم أنا أيضاً مَن أنا، ومِن أين جئت. إنّكم تعرفون الحقّ، ولا تطيعونه، ولا تفتحوا قلوبكم له، وتحاولون قلب الحقّ كذباً. فستهلكون هلاكاً عظيماً. اذهبوا واخجلوا لمكركم الشنيع، لأنّ حكمة روح الله أحكم مِن كلّ شباك أكاذيبكم الشيطانية. فلهذا أيّها الأخ المؤمن، لا تهتمّ بما تقول وتجاوب به إذا دعاك الكفّار المدّعون بالتقوى للمثول أمام محاكمهم، لأنّ الرّوح القدس سيلهمك في تلك الساعة بالجواب الصائب، إنْ خضعت لهداه دائماً٠
الصّلاة: أيّها الربّ يسوع المسيح، أنت ابن الله، فنسجد لك ونؤمن أنّ فيك تعمل كلّ قوى السماء، وكلّ صفات أبيك. أنت المنتصر المخلّص الفادي، اقبلني وكلّ أصدقائي، وكلّ مَن يطلبك واحتضنّا في سلطانك، واحفظنا في حقّك٠
السؤال ١١٩: لِمَ لَمْ يجاوب يسوع وفد رؤساء الأمّة على أسئلتهم؟