Home -- Arabic -- Luke - 001 (Introduction)
لوقا -المسيح ، مخلص العالم
في دراسَة إنجِيل المسِيح حسَب البَشِير لوقا
التمهيد
إنّ لغّتنا البشريّة لا تتسع غنى مخلّص العالم. فلهذا قاد الرّوح القدس بعض الرجال ليوضحوا الإنجيل الفريد بطرق متنوعة، ليصوّروا الشخص يسوع المسيح مِن جهات مختلفة، ويعلنوا انتصاره على الضيقات والأمراض والخطايا والموت والشيطان وغضب الله٠
وفي إرشاد الرّوح الموحى وضّح البشير لليهود، أنّ يسوع الناصري مِن الجليل المحتقرة هو بالحقيقة المسيح الموعود في العهد القديم، الّذي أتمّ بسيرته وقيامته وعود الله وشرائعه. والبشير مرقس تلميذ بطرس، فسّر للمؤمنين في روما المحاطين بألوف الآلهة والأصنام، أنّ المسيح يسوع هو ابن الله الحق وربّ الأرباب المالك على كلّ السلطات المضادة لله. ولوقا الطبيب اليوناني، أبرز المسيح مخلّصاً رحيماً لكلّ البشر، وأسّس بمجيئه سلام الله على الأرض وعصراً جديداً للمسكونة٠
مَن هو البشير لوقا؟
كان البشيرون الثلاثة الآخرون مِن مؤمني اليهود، المتكلّمين باللغة الآرامية، وذوي الفكر العبراني. وثلاثتهم ترجموا كلمات يسوع وحوادث حياته الى اللّغة اليونانية. أمّا لوقا البشير فكان يونانيّاً وثنيّاً مِن الأصل، وغير مرتبط بحضارة العهد القديم. فالطبيب الخبير والمسافر المثقّف أجاد بإيضاح رسالة الإنجيل في لغة يونانيّة قويّة، حيث فاقت بلاغة لوقا بلاغة الرسول بولس أحياناً٠
ربّما عاش لوقا مدّة طويلة في مدينة انطاكية، واشترك في نهوض الكنيسة المؤلّفة مِن مؤمنين أصلهم وثنيون (أعمال الرسل ١١: ٢٠_ ٢٤) فعرف بولس منذ بداية رحلاته التبشيريّة، ورافقه شخصيّاً في رحلته الثانية مِن ترواس إلى فيلبي، حيث بقي هناك لتقوية الكنيسة الجديدة (أعمال الرسل ١٦: ١٠) ولمّا عاد بولس من رحلته الثالثة ومرّ بمدينة فيلبي (أعمال الرسل ٢٠: ٥) أخذ معه بسفرته الطويلة إلى أورشليم أخاه في الرّوح (أعمال الرسل ٢١: ١٧) حيث وجد لوقا خلال مدة سجن بولس سنة ٥٨-٦٠ وقتاً وفيراً ليجمع التفاصيل لإنجيله. وأخيراً رافق الطبيب لوقا الرسول بولس في سفرته الأخيرة الهائجة الى روما (أعمال الرسل ٢٧و ٢٨) وبقي عنده حتّى موته شهيداً. والأحداث أثناء هذه الفترات الثلاث في شركته مع الرسول بولس وضّحها بصيغة «نحن» كطالب وشاهد عيان ورفيق لبولس٠
وبولس نفسه ذكر اسم لوقا في رسائله ثلاث مرّات وسمّاه حبيبه ومعاونه الأمين (كولوسي ٤: ١٤ وفيلمون ٢٤ و٢تيموثاوس ٤: ١١) وهذا يوضح لنا أنّ أفكار بولس الأساسية عن تبريرنا بالنّعمة أثّرت تأثيراً عميقاً في إنجيل لوقا، الّذي شهد بالخلاص الكامل لكلّ البشر ( ٢: ١٤ و٣: ٤- ٦و٢٤: ٢٦) وامتياز النّعمة هذا نحصل عليه بالإيمان فقط ( ٧: ٥٠ و١٥: ١ و١٧: ١٠ و١٨: ١٤ و١:١٩-١٠ و٣٤:٢٣ و٤٣) ومَن يدخل الى هذه النّعمة يجد فيها ينبوع الفرح السرمدي ( ١: ٤٦و٤٧ و٦: ٢٣ و١٣: ١٧ و١٥: ٥- ١٠و ٢٣ و١٩: ٦و ٢٤: ٤١ - ٥٢ )٠
كيف كتب لوقا إنجيله؟
لقد أراد الطبيب الحكيم أنْ يعرف حياة المسيح بدقّة تامة، أكثر ممّا سمع مِن بولس والمسيحيين الأوّلين في انطاكية، فرافق معلمه سنة ٥٨ إلى أورشليم والتقى بيعقوب أخي يسوع، الّذي عاشره كطفل في عائلة واحدة. واستفهم البشير أيضا بطرس والرسل الآخرين ومِن شهود العيان الكثيرين غيرهم لحياة يسوع عن تفصيلات مِن اختباراتهم مع الربّ الرحيم (لوقا ٢٤: ٤٨؛ أعمال الرسل١: ٨و٢١؛ يوحنّا ١٥: ٢٦)٠
وقبل كلّ شيء وجد لوقا في أورشليم مجموعة كتابية مِن أقوال وحوادث يسوع، الّتي جُمعت بإشراف الرسل وتُرجمت سابقاً ربّما مِن متّى واندراوس وفيلبّس الى اليونانيّة لأجل تثبيت المؤمنين مِن الأصل اليهودي المتغرّبين الّذين لم يتعلموا الآرامية في مواطنهم البعيدة (أعمال الرسل ٢: ٤٢؛ يوحنّا ١٢: ٢٠؛ لوقا ١:١-٤). واستخرج لوقا حرفياً كثيراً ممّا تضمنّه هذا النبع المشترك للأناجيل الثلاثة الأولى والّذي للأسف لا نملكه اليوم ولكنّه يظهر أمامنا جليّاً في هذه الأناجيل الثلاثة الأولى. فلهذا يتّفق خبر لوقا بدقّة مع الإنجيليين الأولين٠
وميزة إنجيل لوقا هي أنّ واصف شخص يسوع هو طبيب مختبر. فكان لديه الاهتمام الزائد لمعرفة أعجوبة حَبل يسوع مِن الرّوح القدس وولادته مِن مريم العذراء، الّتي قابلها شخصيّاً، على الأغلب واستخبرها عن هذه الأحداث. فهذه النّعمة خصوصية، انّ الرّوح القدس أرشد طبيباً ليكتشف بجهوده هذا السر الكبير، وأعلن الحلقة المجهولة في تاريخ يسوع المسيح٠
ونجد عند لوقا أيضاً وصفاً خبيراً لمعجزات يسوع لأنّ هذا بالتمام ما لم يقدر الطبيب الحكيم أنّ يعمله تلقائياً: شفاء العمي، تطهير البرص وإقامة الموتى. وبعين بصيرة يلفت لوقا انظارنا إلى شفقة المسيح الكبيرة ورحمته اللطيفة لنرى مصدر سلطانه النابع مِن الرّحمة الإلهيّة فقط٠
والاهتمام الزائد لدى الطبيب لوقا كان بجسد المُقام مِن بين الأموات حتّى استفهم مِن شهود العيان تفاصيل غريبة لم نجدها في الأناجيل الأخرى بهذا الوضوح: أنّ المسيح طلب مِن تلاميذه لمسه ليشعروا بأيديهم أنّه ليس شبحاً بل له جسد ودم. وأكلّ أمام أعينهم، ليغلب عدم إيمانهم٠
مَن هو مستلم هذه الرسالة؟
ويوضح لوقا اسم آخذ الرسالة وهو ثاوفيلس "محب الله" ويلقبه "عزيز". ويعني في اليونانية آنذاك نائب وسعادة وبكِ، كما يُسمّى فيلكس الوالي الروماني في سوريّة. وفستوس بعده أيضاً (أعمال الرسل ٢٣: ٢٠ و٢٤: ٣و٢٦: ٢٥) ربّما كان ثاوفيلوس موظّفاً رومانياً كبيراً وحكم مدّة انطاكية وعرف هذه المنطقة وإيطالية بدّقة. ولكنّه كان محتاجاً إلى إيضاحات واسعة، حول محلاّت فلسطين واليونان وعاداتها وتقاليدها الغريبة له. وربّما كان ثاوفيلوس قريباً للكنيسة الأولى في انطاكية ومنحها استخدام قصوره لاجتماعات المؤمنين كما نجد في سيرة الأحاديث. وبعدئذ نقل إلى روما واشتاق للمعرفة بدّقة عن تطوّر الإنجيل مِن أورشليم إلى روما العاصمة. وهذا هو الشعار التاريخي لخبر لوقا الّذي يتألف مِن جزأين أولهما إنجيله. وفيه يخبرنا كيف أكمل مخلّص العالم طريقه مِن بيت لحم إلى الناصرة، إلى كفرناحوم إلى أورشليم وهناك تمّ خلاص العالم٠
وفي الجزء الثاني لأخباره - أعمال الرسل - يرينا لوقا كيف انتشر ملكوت الله فجأة مِن أورشليم إلى السامرة، إلى انطاكية إلى آسيا الصغرى فاليونان فروما. وكان مستعدّاً أن يصل إلى أسبانيا أيضاً٠
وبهذه المقاصد، لم ينشئ لوقا إنجيلاً محدوداً للمؤمنين مِن الأمّة اليهودّية، بل بشّر كلّ الشعوب بالخلاص الإلهي، بأوسع طريقة كما فعل بولس في دوره. فلم يبرز لوقا يسوع مسيحاً موعوداً لليهود فقط، بل مخلّصاً ومنشئاً ومالكاً للعالم، معطياً السّلام للمسكونة كلّها، ومبشراً بمسرّة الله للخطاة التائبين. لأنّ المخلّص الحق الوحيد، غلب كلّ الضيقات والأمراض وسلطة الموت مع علته الّتي هي الخطيئة، وتجارب الشيطان الّتي تدفعنا لنعصي الله، فالمسيح هو المنتصر وضامن السّلام لكلّ الشعوب. هذا هو شعار إنجيل لوقا٠
ومِن العجيب أنّ إنجيل لوقا وأعمال الرسل، لم يكتبا للنشر، بل لبنيان شخص واحد وتثبيته في الإيمان، ولكي ينال هذا الموظّف العالي بصيرة جديدة لواجباته الاجتماعية، ويعمل بالحق والرّحمة تُجاه الفقراء والمساكين، ويحدّد طيش الأغنياء، الّذين يستحقّون غضب الله لقساوة قلوبهم. فيرينا لوقا أنّ المسيح لا يخلّصنا من خطايانا فقط، بل يؤهلنا لممّارسة المحبّة والمساعدة للمساكين أيضا. فنعلم أنّ إنجيل لوقا له ميزة اجتماعية عملية٠
تنظيم إنجيل المسيح حسب البشير لوقا
١. ظهور المسيح ١:١-٤: ١٣
٢. أعمال يسوع في الجليل ٤: ١٤-٩
٣. سفرته إلى أورشليم ٩: ٥١-١٩: ٢٧
٤. أعماله في أورشليم والحوادث حتّى موته ١٩: ٢٨-٢١: ٣٨
٥. آلام المسيح وموته وقيامته من بين الاموات ٢٢: ١–٢٤: ٥٣
إنْ اتّبعت بواسطة تعمّقك في إنجيل لوقا خطوات يسوع تنال قوّة عظيمة ودافعاً إلهياً لتبشير الأمم لأنّ لوقا كان بشيراً مع الرسول بولس ممتلئاً بالمحبّة والرّوح القدس. فصلِّ وأَصغِ لما يقوله لك روح الربّ بواسطة خادمه لوقا٠
:الاسالة
١. ما هي الصفات المختلفة في الاناجيل الاربعة؟
٢. ماذا تعرف عن حياة لوقا الانجيلي؟
٣. كيف كتب لوقا الانجيل؟
٤. من كان المستلم للانجيل لوقا؟
٥. كيف قسم انجيل لوقا؟