Home -- Arabic -- John - 114 (The word before incarnation)
Previous Lesson -- Next Lesson
يوحنا - النور يضيء في الظلمة
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير يوحنا
الجزء الرابع النّور يغلب الظلمة (١٨: ١- ٢١: ٢٥)٠
٤- صلب يسوع وموته (١٩: ١٦- ٣٧)٠
هـ- الطعنة في جنب يسوع (١٩: ٣١- ٣٧)٠
و: دفن يسوع في القبر الصخري
٣٨ ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ, وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ, وَلَكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ, سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ, فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ٠
ليس كلّ أعضاء المجلس اليهودي السبعون وافقوا على الحكم ضدّ يسوع بلا قيد أو شرط. فقد ظهر مِن أحدى الحفريات الجديدة انّه كان ينبغي لايقاع حكم الأعدام على المتّهم أن يعارض الحكم اثنان بأقلّ درجة، دلالة على رحمة الله الّذي لا يرفض الخاطيء كليّة، فلأجل ذاك يعدمونه. أمّا ان وافق الكلّ على الموت، فيدلّ ذلك على اندفاع بشري ضدّ المتّهم وخطأ غامض لا بدّ وقع فيه المجلس، وبناء عليه تعاد المحاكمة وتتحرى الحقائق بدقّة أكثر. فلو كان هذا القانون معمولاً به ومطبقاً في زمن يسوع، إذاً لكان مِن البديهي انّ أثنين على الأقل مِن أعضاء المجلس قد عارضا الحكم، أحدهما لا بدّ أن يكون يوسف الّذي مِن الرامة. والّذي كان يكتم إيمانه بيسوع لغناه الوافر (متى ٢٧: ٥٧ ومرقس ١٥: ٥٣). ولم يرد ان يفقد مكانته في المجلس ولا تأثيره على مسير الشعب بتقديم آرائه الناضجة، ومعارضته لكلّ خطأ يمكن أن يتورط به المجلس الأعلى. وقد اغتاظ يوسف الرامي هذا مِن قيافا كثيراً لظلمه واجرائه جلسات المحاكمة بمكر. فترك حياده واعترف جهراً بانضمامه إلى يسوع. ولكنّ الاعتراف جاء متأخّراً وشهادته كانت معارضة رسمية ضدّ المجلس كلّه، إنّما ساهمت حسب القانون الآنف الذكر في تنفيذ حكم الصلب على يسوع نهائيّاً٠
وذهب يوسف إلى الوالي بيلاطس بعد موت يسوع. وكان له الحقّ بمقابلته، لأنّه عضو في المجلس الأعلى. وحيث أنّ الوالي كان ما يزال زعلاناً لأجل ارغامه مِن اليهود على ان يحكم حكمه غير العادل على يسوع، وخيفته مِن ابن الله الّذي اسلمه للصلب، سارع باستجابة طلب يوسف. فأعطاه الحقّ بانزال جسد يسوع عن عمود الصليب ويدفنه حيث يشاء. وبهذا القرار انتقم بيلاطس مرّة أخرى مِن اليهود الّذين كانوا يجرّون المرجومين والمقتولين دينيّاً إلى وادي هنوم لتأكلهم الضباع وحيت النفايات وبعض النيران الموقدة. وبقايا ادخنتها المتصاعدة. إنّما الله حفظ ابنه مِن هذا العار، لأنّه قد أتمّ وظيفته كذبيحة إلهية على الصليب. وأبوه السماوي أرشد يوسف الرجل الوجيه ليدفن يسوع بقبر محترم٠
٣٩ وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ, الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً, وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَناً. ٤٠ فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ, وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ, كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. ٤١ وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ, وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. ٤٢ فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ, لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيباً٠
وفجأة وقف نيقوديموس بجانب الصليب أيضاً. وهو كان المعارض الثاني في المجلس اليهودي. وقد حاول سابقاً أبطال الحكم السرّي مِن المجلس على يسوع، طالباً مِن الأعضاء جلسة عادلة لبيان كلّ الحقائق (يوحنّا ١١: ٤٤) فهذا الشاهد ليسوع أتى بأثنين وثلاثين كيلو مِن الطيب الغالي الثمن، وجاء بأكفان وأربطة ليلفّوا جسد يسوع الممزق، وليساعد يوسف في إنزال جثمانه عن الصليب ودهنه كما كانوا يصنعون في الأمراء آنذاك إذا ماتوا. وتوجب عليهما الاسراع في عملية الدفن، لأنّه كان عليهما انجاز ذلك قبل الساعة السادسة مِن مساء الجمعة، حيث يبدأ السبت الّذي يحرّم فيه كلّ عمل. فلم يبق لهما إلاّ وقت وجيز لذلك. وبنفس الوقت فانّ الدفن قد سبّب لهم التنجّس لمدة أسبوع حسب عقيدة اليهود. فلم يستطيعا الاشتراك بأفراح العيد الكبير وما أرادا فرحاً ولا حبوراً، لأنّهما تأكّدا أنّ رجل الله قتل ظلماً مِن أمتهم وغضب الله مقبل على شعبهم ومدينتهم حقّاً٠
وقد أرشد أبو ربّنا يسوع المسيح هذين الرجلين ليمجّدا ابنه الميت، لكيلا يفنى في النّار رمزاً لجهنّم أو يفترسه أبناء آوى عاراً بل يتمّ الوعد الكبير الّذي في سفر أشعياء ٥٣: ٩ انّه يدفن عند الأغنياء والنبلاء في قبر محترم. إذ كانت تكاليف نحت القبور في الصخر باهظة. وما وجد يوسف عند سرعة انزال جسد يسوع عن الصلب، وضيق الوقت أمامه، طريقة أفضل لاكرامه مِن أن يقدّم له قبره الخاص القريب مِن موضع الصليب خارج أسوار المدينة. وهناك وضعوا جسد يسوع على مصطبة بدون تابوت ملفوفاً بأقمطة وأكفان قد بلّلوها بالعطور والطّيب الّذي استحضره نيقوديمس معه٠
لقد مات يسوع حقّاً وحياته انتهت على الأرض وهو شاب فيما بين سن الثلاثين والثالث والثلاثين ربيعاً. وإنسان أعظم المحبّة قد تحطّم بحسد الناموسيين (الشريعيين) وببغضة الرؤساء الماكرين. ولكن ابن الله لم يفلس ولم يخسر خطّته، بل تقدّم عزماً إلى الموت متخذاً مِن وفاته وسيلة لخلاص العالم. لقد وُلد ليموت وقال ليس لأحد محبّة أعظم مِن أن يضع نفسه لأجل أحبّائه. الصّلاة: أيّها الربّ يسوع المسيح، أشكرك لأنّك متّ لأجلنا. واحبّك مع كلّ المؤمنين لأن محبّتك خلّصتنا مِن غضب الله وثبتنا في وحدة الثالوث الأقدس. لا استحقّ القدوم إلى الله القدّوس، ولكنّ دمك الثمين، طهّرني لأكون قدّيساً إلى الأبد. اقبل حياتي شكراً لك لكي أعظّم موتك بارشاد الرّوح القدس، واخبر كلّ النّاس انّهم مفديون لأجل صليبك٠
السؤال: ١٥- ماذا نتعلّم مِن دفن يسوع؟